کد مطلب:239498 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:133

ملاحظات لابد منها
أول ما یطالعنا فی هذا الرسالة هو استعمال الفضل لكلمة : « الرضا »، التی تنص وثیقة العهد، و غیرها : علی أن المأمون هو الذی جعلها لقبا للامام (ع) - كما سیأتی - .. فاطلاق الفضل بن سهل لكلمة « الرضا » علیه (ع) یجعلنا نقول - ان لم نقل أنه كان لقبا مشهورا و معروفا له - : ان جعل المأمون هذا اللفظ لقبا رسمیا للامام (ع) كان بوحی من ذی الریاستین نفسه .. و ان كان یمكن أن یقال عكس ذلك تماما : أی أن استعمال الفضل لهذه الكلمة كان بایحاء من المأمون و لا أقل من كونهما قد اتفقا علی ذلك .

و ثانیا : اننا بینما نری الرسالة تشتمل علی تطمین الامام (ع) : بأن قضیة ولایة العهد لیست لعبة من المأمون، و انما هی من آثار سعی ذی الرئاستین، الأمر الذی لا داعی معه للخوف و الوجل علی الاطلاق - بینما الرسالة تشتمل علی ذلك - نراها تنص علی أن قضیة ولایة العهد أمر قد قضی بلیل . و علی أن هناك تصمیم من ذی الرئاستین و المأمون علی امضاء هذا الأمر ، و هذا یعنی: أن الممانعة و المقاومة لا تجدی و لا تفید ؛ و لذا فان من الأفضل له (ع) أن یكف عن ذلك، و یمتنع عنه.. و هذا ما أشار الیه الفضل بقوله : « .. و ان كتابی هذا عن ازماع من أمیرالمؤمنین، عبدالله الامام المأمون و منی الخ ..»

و ثالثا : یلاحظ: أن الرسالة تتناسب فی صیاغتها، و انتقاء جملها و ألفاظها مع ذوق الامام (ع)، و مذهبه العقائدی، و مذهب شیعته . و تنسجم مع ما یدعیه هو، و یدعیه آباؤه، و كان قد اشتهر و شاع بین الناس : من أن الحق فی خلافة النبی (ص) لهم دون غیرهم، و أن الغیر - أیا كانوا - ظالمون لهم، و معتدون علیهم فی هذا الحق ..

ثم یحاول الفضل أن یفهم الامام : أنه و ان كان هو و المأمون



[ صفحه 205]



قد صمما علی تولیته العهد، لكنه یقول له، لكن السر فی ذلك مختلف بینی و بین المأمون، فأنا أقول فیك : أنك ابن رسول الله، و أنك المهتدی، و المقتدی، و أری أن ذلك ارجاع لحقك الیك، ورد لمظلمتك علیك. أما المأمون : فهو یراك شریكا فی أمره، و شقیقا فی نسبه، و أولی الناس بما تحت یده .

فالفضل یحاول بهذا أن یتقرب من الامام، و یكتسب محبته و ثقته .. و لعل اظهار هذا الاختلاف، مما اتفق علیه كل من المأمون و الفضل ..

و هكذا كان السیاسیون ، و ما زالوا یتكلمون مع أندادهم باللغة ، التی یرون أنها توصلهم الی أهدافهم، و تحقق لهم مآربهم .

و رابعا : و أخیرا.. انه بعد أن یطلب منه أن لا یضع الرسالة من یده، حتی یصیر الی باب المأمون !! .. نراه یضمن الرسالة اشارة واضحة : الی أن ذلك منه (ع) یوجب صلاح الامة به .. و ما ذلك الا لأنه كان یعلم، كما كان الكل یعلم : أنه اذا تأكد لدی الامام (ع) : أن صلاح الامة متوقف علی عمل ما من جهته ؛ فانه لا یتوانی، و لا یألو جهدا فی العمل بوظیفته، و القیام بواجبه .. هذا بالاضافة الی أن فی ذلك اشارة للحالة العامة، التی وصفناها فی بعض فصول هذا الكتاب ..